الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة
.26- اختلاط: 1- التعريف:الاختلاط: اجتماع الشيء إلى الشيء، جاء في لسان العرب: وأَخْلاطٌ من الناس وخَلِيطٌ وخُلَيْطَى وخُلَّيْطَى: أَي أَوْباشٌ مجْتَمِعُون مُخْتَلِطُون. والخَلِطُ: المُخْتَلِطُ بالناس المُتَحَبِّبُ، يكون للذي يَتَمَلَّقُهم ويَتَحَبَّبُ إِليهم، ويكون للذي يُلْقي نساءَه ومتاعه بين الناس، والأُنثى خَلِطةٌ. ولا يخرج استعمال الفقهاء له عن هذا المعنى. والمقصود هنا: اختلاط الرجال بالنساء على الوجه المحرم شرعا. 2- حكم اختلاط الرجال بالنساء: يختلف حكم اختلاط الرجال بالنساء بحسب موافقته لقواعد الشريعة أو عدم موافقته، فيحرم الاختلاط إذا كان فيه: أ- الخلوة بالأجنبية، والنظر إليها بشهوة. ب- تبذل المرأة وعدم احتشامها. والأسواق، فالاختلاط الذي يؤدي إلى مثل هذه الأمور يكون محراً، لمخالفته لقواعد الشريعة. قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ. وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور 30-31]. وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً} [الأحزاب 53]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان»، روه ابن حبان في صحيحه. 3- من أضرار الاختلاط: قال ابن القيم رحمه الله: (ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر, وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة, كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة، واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا، وهو من أسباب الموت العام، والطواعين المتصلة. ولما اختلط البغايا بعسكر موسى، وفشت فيهم الفاحشة: أرسل الله إليهم الطاعون، فمات في يوم واحد سبعون ألفا، والقصة مشهورة في كتب التفاسير. فمن أعظم أسباب الموت العام: كثرة الزنا، بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال، والمشي بينهم متبرجات متجملات، ولو علم أولياء الأمر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية- قبل الدين- لكانوا أشد شيء منعا لذلك). قلت: رحم الله ابن القيم ما أجمل كلامه هذا وأصدقه، وكيف لو رآى حال أهل زماننا، فماذا سيقول عنهم؟ والله المستعان. 4- عقوبة الاختلاط: عقوبة الاختلاط عقوبة تعزيرية يقدرها القاضي، قال ابن القيم رحمه الله: (ويجب عليه- أي ولي الأمر- منع النساء من الخروج متزينات متجملات, ومنعهن من الثياب التي يكن بها كاسيات عاريات، كالثياب الواسعة والرقاق, ومنعهن من حديث الرجال، في الطرقات، ومنع الرجال من ذلك؛ وإن رأى ولي الأمر أن يفسد على المرأة- إذا تجملت وتزينت وخرجت- ثيابها بحبر ونحوه, فقد رخص في ذلك بعض الفقهاء وأصاب، وهذا من أدنى عقوبتهن المالية). وله أن يحبس المرأة إذا أكثرت الخروج من منزلها, ولاسيما إذا خرجت متجملة, بل إقرار النساء على ذلك إعانة لهن على الإثم والمعصية، والله سائل ولي الأمر عن ذلك. وقد منع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه النساء من المشي في طريق الرجال، والاختلاط بهم في الطريق. فعلى ولي الأمر أن يقتدي به في ذلك. .27- اختلال: 1- التعريف:الاختلال لغة: مصدر اختل، وأصله يكون من الخلل، وهو الفساد والوهن في الرأي والأمر؛ جاء في القاموس: الخَلَلُ:الوَهْنُ في الأمرِ، والرِّقَّةُ في الناسِ، والاِنْتِشارُ، والتَّفَرُّقُ في الرأيِ، وأمْرٌ مُخْتَلٌّ: واهٍ، وأخَلَّ بالشيءِ: أجْحَفَ. والاختلال عند الفقهاء لا يبعد عن المعنى اللغوي المذكور، إذ يأتي بمعنى مداخلة الوهن والنقص للشيء أو الأمر. ومنه اختلال العقل، وهو العته الذي يختلط معه كلام صاحبه فيشبه مرة كلام العقلاء، ومرة كلام المجانين، واختلال العبادة أو العقد بفقد شرط أو ركن أو فسادهما. والمقصود به هنا: ما يصيب الإنسان من فساد في عقله. 2- هل المختل يسأل جنائيا: تختلف درجات الفساد التي تطرأ على العقل، ومن المعلوم أن قواعد الشريعة الإسلامية قررت أن الإنسان يكون مسؤولا ومكلفا متى ما كان يتمتع بالأهلية الكاملة، فالشخص الذي يرتكب جناية ويثبت أن به خللاً في عقله ينظر إلى سبب الاختلال فإن كان الخلل بإرادة الشخص كمن تعاطى المسكرات والمخدرات حتى ذهب عقله، فإنه يسأل جنائياً، وإن كان الخلل بدون إرادته لا يسأل جنائيا في الحق العام. وسيأتي لذلك مزيد إيضاح في مصطلح: أهلية. .28- إخفاء: 1- التعريف:الإخفاء لغة: الستر والكتمان، ومن ذلك قوله تعالى: {يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لا يُبْدُونَ لَكَ} [آل عمران 154]، فهو متعد، بخلاف الاختفاء بمعنى التواري، فإنه لازم ومطاوع للإخفاء. والإخفاء في المصطلح الجنائي: هو عدم الإفصاح عن معلومات حقيقية لها علاقة بواقعة جنائية. وللإخفاء في القانون له حالتان: الأولى: يعتبر الاخفاء فيها صورة من صور التدخل في جناية أو جنحة، شرط أن يكون مرتكب جرم الإخفاء على علم سابق بالجريمة المراد ارتكابها. الثانية: يعتبر الإخفاء فيها جريمة مستقلة بحد ذاته، شرط أن يكون مرتكب الإخفاء قد علم بالجريمة بعد ارتكابها، وفي هذه الحالة تكون جريمته مستقلة عن جريمة الفاعل الأصلي. 2- من صور الإخفاء: صور الإخفاء كثيرة ومنها: لو أن شخصا ارتكب جريمة قتل فلجأ إلى شخص آخر فستره وأخفاه عن جهة العدالة، فيعتبر الأخير مجرما لارتكابه جريمة إخفاء شخص مطلوب للعدالة. وسيأتي لهذا زيادة بيان في مادة: (تستر). .29- أداة: 1- التعريف:الأداة في اللغة: الآلة، قال في المصباح المنير: (الأدَاةُ: الآلة وأصلها واو والجمع أدوات). والمراد بالأداة هنا: كل آلة استخدمت لتنفيذ غرض معين. 2- الأحكام المتعلقة بالأداة: هي ذات الأحكام المتعلقة بالآلة، وقد مضى الكلام عليها في مصطلح: آلة. .30- إدانة: 1- التعريف:الإدانة في اللغة: من الفعل أُدين، وله معان منها: الخسة والضعف، جاء في القاموس المحيط: أُدينَ، بالضم: صارَ دُوناً خَسيساً، أو ضَعُفَ. وقال ابن فارس: الدال والياء والنون، أصلٌ واحد إليه يرجع فروعُه كلُّها، وهو جنسٌ من الانقياد والذُّل... قال القُتَبي: دانَ يدَونُ دَوْناً، إذا ضَعُف، وَأُدِين إدانة. ومن معاني الإدانة: المطالبة بحق في الذمة، جاء في لسان العرب: دِنْتُه أَقْرَضْتُه، وأَدَنْتُه اسْتَقْرَضته منه. ودانَ هو: أَخذَ الدَّيْنَ. ورجل دائنٌ ومَدِينٌ ومَدْيُون، ومُدانٌ: عليه الدينُ، وقيل: هو الذي عليه دين كثير. ويطلق بعض المحققين: لفظ الإدانة على التهمة. والذي أراه أن هذا الإطلاق فيه نظر لأن الإدانة لا تثبت إلا في مجلس القضاء. (انظر: مصطلح: اتهام، متهم). .31- إدعاء: (انظر: مصطلح: دعوى)..32- إدمان: (انظر: مصطلح: مدمن)..33- إرادة: 1- التعريف:الإرادة في: اللغة المشيئة، والرغبة، والمحبة، وأراد الشيء: شاءه، وأراد الشيء: أحبه. ويستعملها الفقهاء بمعنى القصد إلى الشيء والاتجاه إليه. ويطلق أهل القانون الإرادة على: الإحساس الذاتي بقدرة الإنسان على تنفيذ ما يصمم أو يخطط له من دون تردد أو تراجع وضمن ما تسمح به الإمكانيات والقدرات والقوانين المرعية الإجراء. 2- ما يدل على إرادة الشيء: الأصل أن يعبر عن الإرادة باللفظ الصادر عن أهله، وتقوم مقامه الإشارة من العاجز عن اللفظ، أو الرسالة، أو السكوت، أو التعاطي، أو القرائن القوية. 3- الإرادة الجنائية: الإرادة الجنائية هي: التصميم الجازم من الجاني على إتيان الفعل أو تركه؛ ويعبر عنها بالقصد الجنائي، وهو الركن المعنوي للجريمة. 4- الإرادة الملكية في قضايا القتل: المقصود بالإرادة الملكية، رغبة المقام السامي في معاقبة مرتكبي جرائم القتل، وذلك بأن يسجن القاتل عمدا الذي يسقط عنه القصاص ويحكم عليه بالدية لمدة خمس سنوات، وقاتل شبه العمد يسجن سنتين ونصفا، وقاتل الخطأ لا شيء عليه، وفيما يلي نص خطاب نائب جلالة الملك الموجه لفضيلة رئيس القضاة برقم 2624 وتاريخ 6/4/1372هـ بهذا الخصوص: (حضرة المكرم رئيس القضاة: نشير إلى المكاتبة الواردة منكم برقم 1964 وتاريخ 3/2/1372هـ بشأن سجن من يقتل عمدا أو خطأ أو شبه عمد، ونخبركم بما يأتي: 1ـ قضت الإرادة الملكية الصادرة في خطاب الديوان العالي رقم 7/4/570 في 22/3/1360هـ والمبلغة إليكم من هذا المقام في حينه، بأن من لم يحكم عليه بالقود ويحكم عليه بالدية يسجن خمس سنوات من تاريخ سجنه. 2ـ ثم صدرت الإرادة الملكية أيضا في خطاب الديوان العالي رقم 8/4/2104 في /1363هـ والمبلغة إليكم منا في ذلك الحين، بأن المتعمد في القتل الذي يحكم عليه بالدية يسجن خمس سنوات، أما غير المتعمد فيستكفى بسجنه سنتين ونصفا تخفيفا عليه. 3- ثم بعد ذلك صدرت الإرادة الملكية أيضا في خطاب الديوان العالي رقم 8/4/1563 في 3/9/1366هـ والتي أبلغت إليكم منا برقم 3182 في/1366هـ، بأن قضايا القتل الذي يثبت وقوعه قضاء وقدرا، وليس فيه عمد ولا شبه عمد، لا يطبق فيها عقوبة السجن على المحكوم عليه، بل يكتفى بإنفاذ ما يحكم به الشرع. فمن تأمل ما ذُكِر تبيَّن أن قاتل العمد الذي يحكم عليه بالدية دون القصاص يسجن خمس سنوات، وقاتل شبه العمد يسجن سنتين ونصفا، وقاتل الخطأ المحض لا يشمله شيء من ذلك؛ فالغاية التي نهدف إليها هي إشعار جميع المحاكم التي تنظر في قضايا القتل بأن تنص في صلب الحكم الذي تصدره على نوع القتل الذي يثبت لديها، حتى يمكن تطبيق العقوبة الإدارية على مرتكب الجريمة بما لا يخرج عن منطوق الأوامر العالية. فأكملوا ما يجب نحو ذلك). (نائب جلالة الملك). وصدر خطاب نائب رئيس مجلس الوزراء رقم 4/1197/م وتاريخ 12/6/1409هـ وجاء فيه النص التالي: (... أن ما نصت عليه الإرادة الملكية الصادرة بحق قاتلي العمد في حالة سقوط القصاص وقاتلي شبه العمد، يعتبر الحد الأدنى، فمتى رأى القاضي أن المتهم يستحق عقوبة تعزيرية أكثر مما ورد في الإرادة لظروف مشددة، فله أن يقرر ذلك). |